وزير الداخلية أمر رجاله بالقتال حتى آخر رصاصة .. 25 يناير معركة الإسماعيلية بين الشرطة المصرية والجيش الإنجليزي والمفاجأة بطلها صلاح ذو الفقار

الموجز

لن يكون الأمر سهلا.. هذا ما قاله ضابط في الإمبراطورية التي كانت لا تغرب عنها الشمس، لقادة بلاده في أعقاب المعركة الباسلة التي خاضها رجال الشرطة المصرية في 25 يناير عام 1952.

بدأت الأحداث قبيل ذاك التاريخ بتصاعد هجمات الفدائيين المصريين ضد المنشآت العسكرية والقوات البريطانية المتمركزة في منطقة قناة السويس، ما تسبب في خسائر فادحة في صفوف البريطانيين.

في محاولة من بريطانيا للقضاء على المقاومة المصرية، دخلت قواتها إلى الأحياء التي يسكنها المصريون في مدينة الإسماعيلية، وأقاموا بها حواجز جديدة، كما قاموا بتدمير عشرات المنازل هناك "لأغراض أمنية".

الجنرال البريطانية جورج إرسكين بعد أيام من المشاورات مع لندن، حصل بعد ظهر يوم 24 يناير 1952 على إذن من سلطات بلاده لنزع سلاح الشرطة المساعدة التي كانت تتبع وزارة  الداخلية المصرية والتي كانت تساعد الفدائيين وتدعم المقاتلين، وأطلق على العملية اسم "النسر".

في المجموع ، كان يوجد ما يقرب من ألف عنصر من الشرطة المساعدة في مدينة الإسماعيلية، تمركز منهم 360 في المديرية الرئيسة بالقرب من مكتب المحافظ، و600 آخرون في مجمع المكتب الصحي.

القوات البريطانية التي أوكلت إليها تلك المهمة كانت معززة بسرايا من الدبابات والعربات المصفحة وبمظليين، فيما تولى قسم من تلك القوات مهمة منع اقتراب أي تعزيزات مصرية في ذلك اليوم.

طلبت القوات البريطانية في الساعة 06:30 صباحا عبر مكبرات الصوت من رجال الشرطة المصرية الاستسلام، واتصلت قيادتهم هاتفيا بوزير الداخلية المصري في ذلك الوقت فؤاد سراج الدين، وقد أمرهم بالقتال حتى آخر رصاصة.

بعد تبادل لإطلاق النار مع القوات البريطانية، ونتيجة للفارق الهائل في القوة النارية، استسلمت مجموعة الشرطة التي كانت متمركزة في المديرية الرئيسة بحلول الساعة الثامنة صباحا، في حين صمم رجال الشرطة المتمركزين في المكتب الصحي على المقاومة وعدم الاستسلام.

فيما بقيت دعوات الاستسلام من دون رد، تقدمت في الساعة 06:50 صباحا، القوات البريطانية وأزاحت بوابة منطقة المكتب الصحي ثم دخلت على الفناء فيما نتشر قناصوها على سطح أحد المباني. عقب ذلك، فتحت الدبابات والمدرعات البريطانية النار من مدافعها الرشاشة، وردت الشرطة المصرية بأسلحتها الخفيفة.

البريطانيون أوقفوا نيرانهم عدة مرات، ودعوا عبر مكبرات الصوت، الشرطة المصرية إلى الاستسلام، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد.

ثار حنق الضباط البريطانيين، وأعطى قائد لواء المشاة البريطاني الثالث في الساعة التاسعة والنصف من صباح ذلك اليوم، الأمر للقوات البريطانية باقتحام المبنى بالدبابات، على الرغم من أن حظرا على استخدام مدافع هذا النوع من الآليات المدرعة كان مفروضا في ذلك الوقت.

تقدم جنود المشاة البريطانيون تحت غطاء من الدخان ونيران رشاشات الدبابات نحو المبنى، ثم استعمل الجنود البريطانيون المسدسات والقنابل اليدوية في هجومهم، ورد افراد الشرطة المصرية بإطلاق النار من بنادقهم وقاموا بإلقاء زجاجات المولوتوف على المهاجمين.

القوات البريطانية واصلت محاولات التقدم واقتحام مباني المجمع، وقتل في تلك العمليات ثلاثة من أفرادها، وأصيب 11 آخرون.

حين أدرك الضباط البريطانيون الذين يقودون الهجوم أن محاولات تقدم المشاة ستؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى، قرروا التراجع تحت غطاء من الأدخنة التي نشرتها العربات المدرعة.

المدافعون المصريون تم تهديدهم بواسطة مكبرات الصوت في الساعة 09:45 بنيران الدبابات إذا لم يستسلموا. رجال الشرطة المصريون تجاهلوا الإنذار، وبعد عشر دقائق، فتحت الدبابات نيران مدافعها وجرى إطلاق 23 قذيفة من عيار 84 ملليمتر، وبحلول الساعة العاشرة انتهت المعركة. 

قتل للقوات البريطانية 3 عسكريين، وأصيب 13 آخرون، فيما استشهد 50 شرطيا مصريا وجرح 80 آخرون، وحظيت المقاومة الشرسة التي أبداها رجال الشرطة المصرية في مدينة الإسماعيلية بتقدير الضباط البريطانيين.

في نفس يوم المعركة، كتب قائد قياد الشرق الأوسط في الجيش البريطاني الجنرال ريتشاردسون في تقرير أرسل إلى لندن يقول: "إذا استطعنا أن نصدق أن المصريين سيهربون من أول لقاء بالقوة، فإن أحداث اليوم في الإسماعيلية دحضت وجهة النظر هذه. أخشى أن حرب عصابات شرسة ستنتظرنا".

أحد أبطال المعركة هو النجم الفنان الراحل صلاح ذو الفقار

روى الكاتب محمود معروف، في كتابه "روائع النجوم"، أن الفنان الراحل صلاح ذوالفقار أتم تعليمه الثانوي في مدرسة القبة الثانوية بالعباسية، وبها تعلم رياضة الملاكمة على يد المدرب محمد فرج، بعدها التحق بكلية الطب في جامعة الإسكندرية، لكنه تركها ودخل كلية «البوليس» كما كانت تُسمى حينها، وذلك عام 1943.

عام 1946، تخرج صلاح ذو الفقار ، وعمل فى سجن طرة، وتم تعيينه مدرساً فى كلية الشرطة.

ضمت دفعة الفنان الراحل، 4 ضباط تولوا على فترات مختلفة منصب وزير الداخلية، وهم أحمد رشدى، والنبوى إسماعيل، وزكى بدر، وعبد الحليم موسى.

كان له دور مشرف فى معركة الإسماعيلية الخالدة 25 يناير عام 1952 ، التى أظهر فيها رجال الشرطة المصرية بسالة وشجاعة ضد المحتل البريطانى وأصبح هذا اليوم 25 يناير من كل عام عيدا للشرطة في مصر، وكان صلاح ذو الفقار برتبة نقيب وقتهاوكان أحد الأبطال الصامدين فى معركتهم ضد المحتل.

أحيل ذو الفقار، إلى المحاكمة العسكرية، بعد تورطه في تهريب أحد الضباط المتهمين في قضية قتل أمين عثمان "وزير المالية في حكومة الوفد"، وكان هذا المتهم الهارب هو الرئيس محمد أنور السادات، وكان الفنان الراحل وقتها يحمل رتبة ملازم اول، ومكلف بالحراسة.

تدخل وزير الحربية والداخلية حيدر باشا، وطلب العفو عن "ذو الفقار"، وضمه مع مجموعة من الضباط الرياضيين، في فريق الملاكمة بنادي الزمالك.

عام 1957 قدم صلاح ذو الفقار، استقالته من الشرطة، وهو في رتبة "صاغ"، وشارك في بطولة فيلم من إخراج شقيقه المخرج عز الدين ذو الفقار، هو فيلم "عيون سهرانة"، وجسد به شخصية ضابط شرطة.

الفنان الراحل سمير غانم، كشف خلال حوارته، أنه خلال فترة تواجده في كلية الشرطة، تدرب على يد الفنان صلاح ذو الفقار، وخرج حملات لضبط تجار المخدرات.

تعليقات القراء