أحمد معوض يكتب: الحق أحب إلينا منكم ... صمتكم أخزانا

من الطبيعي ان تختلف التيارات السياسية و الفكرية في رؤيتها للمرحلة القادمة و كيفية التعاطي و التفاعل مع الاحداث الحالية, بل انه من المفهوم احيانا ان تشتد وتيرة الخلاف بين القوى المختلفة لتصل الى شفا التخوين و الاتهام بالعمالة,بل انه من المعلوم ايضا في اللعبة السياسية ان تتربص القوى السياسية ببعضها و خاصة تلك القوى ذات الافكار شديدة التضاد و التباين لتصل الى مرحلة التربص و تصيد الاخطاء المتبادل, كل ذلك مع عدم تقبله او شرعيته الا انه لايزال حسب ما يدعي كل طرف انه في صالح الوطن.

 

فحينها يمكننا ان نتفهم وجهة نظر كل طرف حيث انه يدعي انه الطرف المحق الذي على الصواب و هذا من حقه. اما ان تصل الامور الى درجة في بعض الاحيان من بعض التيارات الى درجة قبول التعدي على الثوابت و القيم ليست الاسلامية و لا حتى العربية او الشرقية, و انما التعدي على الثوابت المعترف بها في اقل المجتمعات تشدداً او محافظة, و أكثرها إنحلالاً,فهذا لايمكن قبوله على الإطلاق.

 

 لايمكن لأحد أن ينكر ان الغرب بالرغم من انهم اقل الحضارات اهتماما بمظاهر الاحتشام و ادعاءا ان العري قد يكون من الحرية في وجهة نظرهم الا ان نصرة المرأة عندهم شئ لاخلاف عليه, فمابالنا بالحضارة العربية اسلامية كانت او مسيحية التي تعتبر المرأة شئ شديد الاهمية في الحفاظ عليه, عندها تكون هبة و وقفة اصحاب الحضارة العربية اقوى و اشمل, و يختلف الامر بالنسبة للحضارة الاسلامية التي تعتبر المرأة شيئا شديد الحساسية, فلا يمكن لأحد ان ينسى موقف النبي (صلى الله عيه و سلم) مع اليهود عندما اجلاهم عن بكرة أبيهم عن المدينة لانهم فقط تعرضوا بغير جرأة على إمرأة من المسلمين فمابالنا لو كانوا إجترؤا عليها, و أيضاً موقف المعتصم الذي ارسل جيشاً عظيماً لأن احد الروم فقط أهان إمرأة بغير إجتراء, فلنا أن نتخيل أن الحضارة الإسلامية هي أكثر الحضارات صرامة و قوة على الإطلاق في تعاملها مع مسألة إهانة المرأة, إذاً فموقف الدين و الحضارة الإسلامية واضح لا لبس فيه, أما اللبس ففي موقف من يدعي أنه يتحدث بإسم هذا الدين و إحتكر ذلك الحديث لنفسه فقط , فإنهم لم يفعلوا معشار ماسيفعله الغربيين أصحاب الحضارة المنحلة لو كانوا مكانهم, هنا قد وصلنا الى مرحلة السياسة القذرة التي تضر و لا تنفع صاحبها على مستوى المصالح أو حتى على المستوى الشخصي لانها تفقده رصيده من الثقة عند مؤيديه فضلاً عن فقدانه شرعية حديثة اللامنتهي عن الدين و واجباته و فروضه.

 

بل إنهم ساعدوا المجلس العسكري على تمييع وهدم قيمنا الأصيلة النقية التي تتكون أبسط مفرداتها من (الغيرة) للشرف, و الإستشاطة غضباً إذا ما مس أحدهم بنتاً أو إمرأة, ألا فإني أبشركم أنه لو إستمررتم على هذا المنوال, فسيسبى كل حرائر مصر إلى أجهزة الأمن بمساعدتكم, و بموائماتكم و موازناتكم الخاطئة.

 

إذا كانت الالعاب السياسية و المراوغات و الاتهامات قد تكون مقبولة حينا من الاحيان , فإنها الان غير مقبولة على الاطلاق, ان ما يحزنني كرجل مسلم ليس موقفهم و انما نظرة غير المتدينين لمدعي التدين, فبناءاً على موقفهم و إدعائهم قد تحدث حالة من الردة الفكرية الغير مقبولة عند كثير من الشباب الذي يؤمن بالافراد أكثر من ايمانه بالحق بغض النظر عن مصدره, وذلك لسقوط الرمز عند هذا الشباب.

 

اما رسالتي اليهم فهي ان صمتهم هذا قد أخزانا و طأطأ رؤسنا ربما أكثر من حدث تعرية الفتاة نفسها.

 

تعالوا نتخيل سوياً لو أن المعتصم كان حيا في ظرف كهذا أو ان النبي (صلى الله عيه و سلم) الذي قال لاحد أصحابه عندما سأله عن موقف يختص بالشرف و أخبر النبي انه إذا حدث له موقف مماثل فليقتلن هذا الرجل, فقال له (النبي النبي صلى الله عيه و سلم) و الله انك لغيور و اني لاغير منك و الله اغير مني و منك, هذا هو الدين, اما على الصعيد العربي غير الاسلامي فلننظر ماذا قالت السيدة خديجة عندما جاء لها النبي (صلى الله عيه و سلم) قبل الرسالة فزعا قائلا لها زملوني زملوني, لم تكن تعاليم الاسلام نزلت بعد فقالت له خديجةإنك لتكرم الضيف و تنصر المظلوم و الملهوف, عندما قالت له ذلك خديجة كانت تتحدث عن قيمها كعربية اصيلة لها قيم و مبادئ من أعظم ما عرفته البشرية من قيم بعد قيم الاسلام طبعاً.

 

صمتكم أخزانا.

 

لو كان المجلس العسكري يعلم فيكم خيراً لما تجرأ على حرائر المسلمين, لو كان المجلس العسكري يعلم فيكم خيراً لما انتهكت حرمات الله, لو كان المجلس العسكري يعلم فيكم خيراً لما قتل المصريين و أهريقت دمائهم ولم تنبسوا ببنت شفة, لو كان فيكم خيراً لما سخرتم من حرائر مصر و ادعيتم انهن العفيفات الطاهرات كن قد قدمن الى ميدان التحرير ليورطوكم و ليسوؤا مظهركم, بئس مظهركم من مظهر الآن, صمتكم أخزانا.

 

ان كنت لائماً احداً فاني لا ألوم فقط من انتهك العرض و قتل البرئ, و لكني ايضا الوم من ملأ الدنيا ضجيجاً انه ذو شعبية و قوة و تأثير غير قليل, لسماحه بالتجاوز و غض الطرف تارة, و هجومه و تشكيكه في شرف و طهر المجني عليهم تارة أخرى, إني ادعوهم ان يقرؤا سورة النور ليتعلموا كلام الله و ماذا يقول شرعه الذي يدعون أنهم حماته على من يقذف المحصنات من النساء, و ان كانوا قد صدقوا الله و رسوله فليطبقوا ذلك على انفسهم إن كانوا صادقين, صمتكم أخزانا.

 

اما ما اقوله الى اختي التي قد عراها كلاب الليل, فهو انه إن كانوا قد عروا جسدك الطاهر فانتي مستورة في أعيننا, قال الله تعالى.(ولا تهنوا ولا تحزنوا و أنتم الأعلون و الله معكم).

.

.

.

الحق أحب إلينا منكم ... صمتكم أخزانا


تعليقات القراء