بعد خطاب مصر العاجل.. ماهي قرارات مجلس الأمن المحتملة بشأن أزمة سد النهضة؟.. وقف الملء وإحالة الخلاف إلى محكمة العدل الدولية أبرزها

الموجز  

أعلنت مصر عن تقدمها بملف إلى مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة، مطالبة باتخاذ قرارات حاسمة لوضع حل للأزمة بعد محاولات مستميتة من مصر والسودان إلى حلها خلال الفترة الماضية، وتعنت وإصرار إثيوبي غير مبرر.

خطوة مصرية  

وقال وزير الخارجية سامح شكري، إن مصر تقدمت بالطلب وفقا للمادة 35 التي تتيح للأعضاء إحاطة المجلس وتنبيهه إلى قضايا تمس الأمن والسلم الدوليين، وذلك بعد تعثر المفاوضات الأخيرة والتي دعت إليها السودان.

وقال شكري، في مداخلة هاتفية تلفزيونية إنه "للأسف المفاوضات التي دعت إليها السودان لم تأت بأي ثمار نظرا لعدم وجود إرادة سياسية من الجانب الإثيوبي للوصول إلى تفاهم وتراجع الكثير من القضايا التي تمت مناقشتها عبر جولات عديدة من المفاوضات".

وأضاف أن دول العضوية في مجلس الأمن هي دول مؤثرة وقراراتها ملزمة، مؤكدا أن الهدف هو البعد عن أي تصعيد، بخلاف ما تحدث عنه وزير الخارجية الأثيوبي، مشيراً إلى أن هذه هي المسئولية الملقاة على مجلس الأمن، الذي عليه أن يحسم ذلك بجدية.

ماذا يعني لجوء مصر إلى مجلس الأمن؟

وفي أعقاب إعلان مصر عن تقدمها بالملف إلى مجلس الأمن، تسائل الكثيرون عن معنى إقدام مصر على تلك الخطوة، والإجراءات التي يمكن أن يتخذها المجلس الدولي في سبيل حل ذلك النزاع، وما إذا كانت ثمة سوابق للمجلس في حسم قضايا نزاعات مائية كهذه القضية.

وفي تصريحات لصحيفة "البيان" الإماراتية، يقول أستاذ القانون الدولي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي، مساعد عبد العاطي إن "الخطوة تعني أن مصر تضع مجلس الأمن أمام مسئولياته القانونية والسياسية باعتباره المسئول الأول عن حفظ السلم والأمن الدوليين، وأن مصر تحذر من التصرفات الفردية للجانب الإثيوبي من خلاله إعلان ملء السد في يوليو الكامل نسفاً لمسودات اتفاقية واشنطن وإعلان المبادئي، ومن شأنه تصعيد حدة التوتر والصراع في شرق أفريقيا وتعمد الجانب الإثيوبي التصعيد رغم انتهاكه الصارخ لقواعد القانون الدولي".

وأكد عبد العاطي أن الملف القانوني المصري "ممتلئ بالعديد من الحجج والأسانيد، وبالتالي فإن ذهاب مصر لمجلس الأمن هو ذهاب مدروس من الدولة المصرية في إطار من الحشد الدولي والإقليمي، وتتعامل الدولة المصرية مع هذه المعطيات وفقاً لظروفها ونتائجها".

أما عن القرارات التي يمكن أن يصدرها مجلس الأمن بشأن الأزمة، قال عبدالعاطي إن المجلس الدولي "يملك من الناحية القانونية أن يصدر توصيات عديدة؛ من بينها وقف إثيوبيا للملء مؤقتاً، وإحالة النزاع لمحكمة العدل؛ لأنه نزاع قانوني، وأيضاً يمكن لمجلس الأمن أن يصدر قراراً ضمن الفصل السابع بإلزام إثيوبيا، ذلك متى تيقن المجلس من أن النزاع يهدد السلم والأمن الدوليين بصفة مباشرة".

نزاعات سابقة

أما إذا كان هناك نزاعات سابقة أسهم مجلس الأمن في حلها، أشار عبدالعاطي إلى سابقة خاصة بالبحار بين إنجلترا وألبانيا.

وأوضح أن مجلس الأمن الدولي أوصى الدولتين بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية بشأن قضية مضيق كورفو.

وأضاف عبدالعاطي أن محكمة العدل أصدرت حكماً شهيراً في عام 1949 في هذا الشأن. وأيضا محكمة العدل أصدرت حكمين شهيرين في مجال الأنهار الدولية؛ الأول في 1997 بين المجر وسلوفاكيا، والثاني في العام 2010 بين أوروجواي والأرجنتين.

أوراق ضغط

قالت صحيفة "اليوم السابع" إن مجلس الأمن يملك عدد من أوراق الضغط على إثيوبيا من أجل حل الأزمة.

وأضافت الصحيفة أن مجلس الأمن يمكن أن يدعو أطراف النزاع إلى تسوية النزاع فيما بينهم بالطرق الدبلوماسية، إذا رأى ضرورة لذلك، حتى لو لم يتفق الأطراف على عرض الاتفاق على مجلس الأمن والذي يستطيع أن يباشر صلاحيته في توصية أطراف النزاع باتباع وسائل معينة لتسوية النزاع، وله أيضا أن يمتنع عن ذلك.

وأشارت إلى أن يحوز مجلس الأمن سلطة عامة فى إجراء التحقيق من تلقاء نفسه أو بتشكيل لجنة تخضع لتوجيهاته فى أى نزاع أو موقف يرى المجلس أنه بحاجة إلى ذلك حال التأكد من ما إذا كان النزاع قد تحول فعلا إلى تهديد حقيقى للسلم أو فى طريق إلى إشعال أعمال العدوان، ويدفع ذلك مجلس الأمن لإتخاذ الإجراءات الرادعة تطبيقا للفصل السابع من الميثاق، فيستطيع المجلس أن يطالب أثيوبيا بوقف ملء السد لحين الاتفاق النهائى مع مصر والسودان على القواعد الفنية بملء و تشغيل سد النهضة أو إتخاذ قرارات أخرى.

وتخول المادة 36 من ميثاق مجلس الأمن الدولى فى أى مرحلة من مراحل النزاع أن يتدخل ويوصى بما يراه مناسبا من الإجراءات وطرق التسوية، وهو ليس ملزما بالانتظار لفشل الأطراف فى اتوصل لحل النزاع حتى يشرع فى عمله.

وبحسب المادة 38 من ميثاق مجلس الأمن، فإنه يستطيع أن يؤدى دوراً توفيقاً وشبه تحكيمي، في حال طلب جميع المتنازعين بأن يقدم توصيات بقصد حل النزاع حل سلمياً.

خيارات

تقول صحيفة "الوطن"، إن مصر استندت في خطابها إلى مجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.

وأضافت الصحيفة أن المادة 35، التي تقع ضمن الفصل السادس لميثاق الأمم المتحدة، والخاص بالحلول السلمية للنزاعات الدولية، تنص في بندها الأول على: "لكل عضو من (الأمم المتحدة) أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة 34، والتي تنص على: "لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي".

ولفتت إلى أن المادة 35 تشير في نصها إلى أحكام المادتين 11 و12، وفي نصوصهما الطريقة التي تعالج بها الجمعية العامة المسائل التي تنبه إليها، فالمادة 11 تنص على: "للجمعية العامة أن تنظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم والأمن الدولي ويدخل في ذلك المبادئ المتعلقة بنزع السلاح وتنظيم التسليح، كما أن لها أن تقدّم توصياتها بصدد هذه المبادئ إلى الأعضاء أو إلى مجلس الأمن أو إلى كليهما، وللجمعية العامة أن تناقش أية مسألة يكون لها صلة بحفظ السلم والأمن الدولي يرفعها إليها أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن أو دولة ليست من أعضائها وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 35، ولها - فيما عدا ما تنصّ عليه المادة الثانية عشرة - أن تقدّم توصياتها بصدد هذه المسائل للدولة أو الدول صاحبة الشأن أو لمجلس الأمن أو لكليهما معاً، وكل مسألة مما تقدّم ذكره يكون من الضروري فيها القيام بعمل ما، ينبغي أن تحيلها الجمعية العامة على مجلس الأمن قبل بحثها أو بعده، وللجمعية العامة أن تسترعي نظر مجلس الأمن إلى الأحوال التي يحتمل أن تعرّض السلم والأمن الدولي للخطر".

وأضافت أن المادة 12 تنص على: "عندما يباشر مجلس الأمن، بصدد نزاع أو موقف ما، الوظائف التي رسمت في الميثاق، فليس للجمعية العامة أن تقدّم أية توصية في شأن هذا النزاع أو الموقف إلاّ إذا طلب ذلك منها مجلس الأمن، ويخطر الأمين العام - بموافقة مجلس الأمن - الجمعية العامة في كل دور من أدوار انعقادها بكل المسائل المتصلة بحفظ السلم والأمن الدولي التي تكون محل نظر مجلس الأمن، كذلك يخطرها أو يخطر أعضاء "الأمم المتحدة" إذا لم تكن الجمعية العامة في دور انعقادها، بفراغ مجلس الأمن من نظر تلك المسائل وذلك بمجرد انتهائه منها".

وبحسب تلك المادة من ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، فإن مجلس الأمن يمتلك عدداً من الخيارات فيما يخص ذلك الخلاف، وكل هذه الخيارات في مصلحة مصر فيكفي الحصول على توصية أو قرار من مجلس الأمن لوضع إثيوبيا في موقف الدولة المنتهكة للقانون الدولي، بما يمكن مصر والقيادة السياسية من البناء على هذا القرار في الخطوات التالية.

وأوضحت الصحيفة أن تلك الخيارات تتمثل في الآتي:

- إحالة الخلاف إلى محكمة العدل الدولية باعتبار المسألة خلافا قانونيا، في ظل فشل المفاضوات بين أطرافه.

- إصدار توصية بالعودة إلى المفاوضات وعدم البدء في إجراءات ملء السد حتى إبرام اتفاق يرضي جميع الأطراف.

- إصدار قرار ملزم بوقف ملء السد مع تشكيل لجنة فنية للفصل في الأمور المختلف عليها.

تعليقات القراء