مروان يونس يكتب: الأجندة الأمريكية لم تعد «مختفية» في ظل حكم الإخوان

 

خلال عصر مبارك و إلى الآن علاقة مصر مع الولايات المتحدة علاقة تحمل علامات استفهام كبيرة ، فعلاقتنا بالأخت الكبرى لمصر تعدت العلاقات الدبلوماسية وأصبحت مع الوقت شريكا ولاعبا أساسيا في حياة و مستقبل الوطن ، علاقة تعدت النصح والإرشاد ووصلت بكل تأكيد للمشاركة في قيادة هذا الوطن و صنع قراره السياسي سواء الداخلي أو الخارجي و ذلك من خلال أجندات وخطط متنوعة يفترض أنها تخدم مصالح الطرفين .
 
فطالما كانت الأخت الكبرى تتعامل من خلال أجندة خفية تؤثر حالة التعتيم عليها حتى لا يستطع الشعب المصري فك طلاسمها ومن ذلك تيسر تحقيق مصالحها بهدوء، فسابقا وفي نظر الشعب كان مبارك صديق الأمريكان وعميلا لهم وفي نظر أمريكا الديكتاتور الصديق الذي يمرر خططا لا نعلمها، كما صدر لنا مبارك أنه حصن مصر الحصين ضد التدخل الأمريكي وصاغ لهم رسالة أنه حصنهم الحصين أيضا ضد الإخوان والتطرف.
 
حقيقة كان مبارك ورؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين الذين مروا عليه أصحاب مهارة شديدة في الإخفاء للنوايا فعاش الشعب المصري في الفزورة الأمريكية بدون حلول؟
  
عاش الشعب يتسائل بدون إجابة عن حقيقة مصلحة أمريكا مصر هل حليف قوي أو تابع ضعيف؟ هل حقيقة تهتم بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية عند الطلب كنوع من الغلاسة على مبارك؟ إلخ إلخ .. المهم نجح الطرفان في إخفاء الأجندة والتوجهات حتى حدثت الثورة.
 
ومع الثورة المصرية فاجأتنا العلاقات الأمريكية بأجندة جديدة ولكن ليس بمهارة الإخفاء للأجندة السابقة أو ربما لم تكن هناك رغبة في إخفاءها.
 
فكان التوجه الأمريكي واضح فليرحل مبارك وليستلم السلطة الإخوان المسلمين..
 
بالفعل استلم الإخوان المسلمين الحكم تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية كما فاجأتنا الولايات المتحدة بدعم دائم مستمر لكل قرارات أو توجهات الإخوان طوال هذه الفترة حقا أو باطلا،  بداية من تعديلات الدستور الأولى في مارس 2011 وصولا بدعم مجلس الشعب الإرهابي رغم عدم شرعيته، تنحية المجلس العسكري قسريا والموافقة على تخطي القانون، مباركة حصار المحاكم، تمرير فكرة الإعلانات الدستورية للرئيس وهي الغير قانونية أو دستورية والتي شقت الوطن، غض البصر عن الفوضى الميليشيات واعتبارها من وسائل التعبير السلمي، انهيار السلام الاجتماعي وتهديد الأقباط والمرأة في دولة الحرية المزعومة والجديدة..
 
الأغرب مؤخرا بدأ الإعلام الأمريكي أن ياخذ دورة في رعاية الشريك الجديد وهو جماعة الإخوان المسلمين، فها هي الصحف الأمريكية بدأت رحلة تحسين صورة الفاشية المصرية الجديدة كنوع من مخاطبة دول أوروبا القلقة والشارع المصري لتمرير تطمينات أن هذه الفاشية ستكون تحت الاحتواء  وبضمان و رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وداخل الخيمة الأمريكية (حسب تعبير آن باترسون المتحدث الرسمي للإرادة والإدارة الأمريكية).
 
للأسف مررت الولايات المتحدة أكذوبة في بداية الثورة مفادها أن الديمقراطية = الصناديق = الحرية = الثورة = الشرعية التي لا تبلى، لتمرر من خلال تلك الأكذوبة أن الصندوق هو الشرعية الوحيدة والمحلل لأي انقضاض على الشرعية من قبل الإخوان الشريك الرسمي على فرضية أن ما يوجد بالصندوق هو الحقيقة المطلقة بذاتها وبغض النظر عن أنه كان تزويرا أو اعلاء لمبدأ القوة أو حتى من خلال السلاح طالما كان دفعا لتمكين الجماعة فهو الحق المطلق.
 
فالأجندة هذه المرة للأخت الكبرى معلنة والإبن الشرعي للثورة في نظرهم الإخوان فقط ولكن السؤال لماذا الإخوان؟
 
هل الإخوان لفرض سلام طويل مع إسرائيل وإنهاء القضية الفلسطينية تماما وفرض حل الثلاث دول وبداية التهجير في سيناء والأردن  والذي سيمرر بكل أسف من خلال الدستور و تمكين الجماعة....
 
هل لجيش مصري يظل تابعا وضمان استمرار ذلك كأحد الجيوش الأمريكية جاهز للاستخدام في أي معركة للولايات المتحدة ضد أعدائها أو ضد الشعب إن أرادت...
 
هل لدولة لا تستطيع التقدم أو اتخاذ قرار لنفسها، حيث أن السماح بمصر قوية سيكون له أثر شديد في تحرير القرار السياسي لها وهذا مرفوض تماما..
 
هل لإرهاب تحت الطلب وتحت السيطرة وبرعاية الجماعة الأم المصدرة له من خلال أبو الجهاد سيد قطب وفلسفياته.
 
المهم مع الوقت الأجندة أصبحت واضحة تماما وربما تشمل أكثر مما سردت ولكن السؤال الأهم هل ستنجح الولايات المتحدة في تنفيذ هذه الأجندة؟ وهل تمثل هذه الخيارات المصلحة لكل الأطراف؟
 
نهاية لا أعتقد ذلك ..
 
فالإصرار على العمل بهذه الأجندة نهايته فوضى مؤكدة وخلال سنوات قليلة جدا ستكون الفوضى خارج السيطرة لأمريكا أو لمصر أو للابن وهو الجماعة، كما لن يكون هناك وجود لدولة تحرك لها الإرهاب تحت الطلب وبالتأكيد لن يكون هناك وجود لجيش إلا حتى جيش صوري يستطيع أن يكون فاعل في أي شيء أو لخدمة أي إرادة لأي طرف كان.. ومؤكدا فلا وجود لحليف قوي ولا تابع ضعيف خانع بل دولة مارقة لا تستطيع السيطرة وربما تتحول في نظر المجتمع الدولي دولة راعية للإرهاب واجب حربها!!!
 
لن يجد الأب الأمريكي في النهاية إلا بقايا دولة تعمل على المد الإرهابي المتطرف بالمنطقة والذي سيمس مصالح الشقيق الإسرائيلي والصديق الأوروبي للولايات المتحدة..
 
أعتقد أن استمرار الولايات المتحدة أو الراعي الرسمي للثورة الأولى على نفس المواقف والتوجهات معتقدين أن هناك فائدة غير هدم مصر يحتاج مراجعة.. كما أن إصرارها على أن الجيش المصري ملكا لها يحتاج مراجعة أيضا.. كما أن قدرة الجماعة على السيطرة على الوضع الداخلي أصبحت محل شك... كما أن التزام الجماعة بالسمع والطاعة للأب الأمريكي في ظل وضع المنطقة وعلاقتهم بإيران التي لازالت الصديق والعشيق السري للجماعة!!
 
نهاية الأجندة الأمريكية واضحة وكاملة ليس للمحلل السياسي  أو للجيش المصري أو للمعارضين و لكن لكل مصري حريص على الوطن، كما اتضح جليا أن الولايات المتحدة وقعت في غرام الخطة الخاصة بها ولن تغيرها يوما حتى لو وقفت أمام قيم وقناعات المجتمع الأمريكي بالكامل والعالم..
 
فالثورة الحالية أو حالة الغضب التي ستنتهي بثورة وشيكة وقريبة يجب أن يعلم القائمون عليها أنها ثورة شعب أعزل ضد إرادة أكبر دولة في العالم وممثليها في مصر...
 
ولكن يبقى السؤال الذي لا يخرج من ذهن كل مصري.. هل لايوجد مخرج لمؤسسات مصر السيادية إلا من الباب الأمريكي... فمن رأيي لازلت أعتقد أن الباب الوطني مازال مفتوحا وأن المشاركة في هدم مصر على رأي المثل "ما باليد حيلة" سيظل خيانة عظمى سيكتب عنها التاريخ وسيعاقب عليها الله سبحانه وتعالى..
 
ولنتذكر الشيخ "جمال الدين الأفغاني" وماذا قال
" العار الذي لا يمحوه كر الدهر هو أن تسعى الأمة أو أحد رجالها أو طائفة منهم لتمكين أيدي العدو من نواصيهم، إما غفلة عن شئونهم أو رغبة في نفع وقتي"
 
تعليقات القراء